وسع الجيش السوري الأحد نطاق عمليته العسكرية في بلدة القصير القريبة من لبنان ما دفع بالعديد من السكان الى اللجوء إلى الجانب الاخر من الحدود وذلك عشية انعقاد اجتماع غير مسبوق لشخصيات سورية مستقلة في دمشق.
وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان "سمع اطلاق نار ليلا في مدينة القصير".
وكان المرصد قد أفاد السبت بمقتل مدنيين اثنين في القصير برصاص قوات الامن السورية التي عززت وجودها في البلدة منذ الجمعة واعتقال عدد من الاشخاص.
كما ذكر ناشطون سوريون أن 10 أشخاص على الأقل قتلوا على يد قوات الأمن السبت من بينهم طفل يبلغ من العمر 12 عاما قتل في بلدة "الكسوة" جنوبي العاصمة دمشق.
وفي دمشق افاد سكان في حي البرزة بدمشق حيث قتل شخص واحد إن قوات الأمن اعتقلت نحو 200 خلال حملة مداهمات وتفتيش من منزل الى منزل بعد فرض حظر التجوال.
وقتل 3 اشخاص في محافظة حمص وسط سورية ، كما قتل شخصان في مدينة حماة واثنان في دير الزور بشرق سورية.
لقاء تشاوري
من ناحية أخرى يعقد غدا في لقاء تشاوري بمشاركة 200 "معارض سوري مستقل" وذلك تحت شعار "سورية للجميع في ظل دولة ديمقراطية مدنية".
وقال مراسل بي بي سي إن "من أبرز المشاركين في اللقاء المعارضين ميشيل كيلو وعارف دليلة وفايز ساره وغيرهم من الداخل والخارج من معارضين غير حزبيين، دون مشاركة لأي من رموز السلطة".
وأضاف أن الاجتماع "سوف يأخذ شكلاً تشاورياً للتداول في الوضع السوري الراهن وكيفية الانتقال إلى دولة ديمقراطية مدنية، كما سيتناول المجتمعون السبل الآيلة إلى الانتقال السلمي والآمن بسورية إلى نظام ديمقراطي".
ومن المقرر أن يستمر اللقاء يوماً واحداً فقط تُعلن في ختامه مجموعة توصيات على شكل مقترح يُقدَّم إلى الرأي العام وللسلطة، وبشكل يسمح بإتاحة المجال أمام جميع شرائح المجتمع لبناء الدولة الديمقراطية المنشودة.
وجاء في ورقة العمل، والتي حصلت بي بي سي على نسخة منها: "إن التغيير المقصود يرتكز على تنازل السلطة عن جزء كبير من سيطرتها على الدولة والمجتمع"، مشيرةً إلى أن "الخطوة الأولى في هذا المسار يجب أن تبدأ ببناء الثقة بين السلطة والشعب عبر تراجع العملية الأمنية إلى الخلف وتقدم العملية السياسية إلى الأمام".
كما تناولت ورقة العمل إيجاد الوسائل للتصالح مع النخب السورية وإطلاق يدها للعمل في الحياة العامة، "باعتبارها الشريك الوحيد للسلطة في خياراتها الإصلاحية والتغييرية."
كما تطرقت الورقة إلى قضية الإعلام، داعيةً إلى إيجاد "مناخٍ إعلامي مؤاتٍ عبر السماح لكل سوري بالوصول إلى المعلومة الصحيحة كي يتمكن من تشكيل رأيه السياسي والعمل على وقف الحرب الإعلامية من قبل المؤسسات الإعلامية الرسمية ضد المحتجين والمتظاهرين".
كما دعت الورقة إلى إنشاء مجلس وطني تشريعي بمشاركة حزب البعث الحاكم وشخصيات مستقلة، بحيث يتألف من 100 عضو، واعتبار الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال وأن تتم الدعوة إلى انتخابات تشريعية عامة في فترة لا تتجاوز الستة أشهر.
نازحون
على جانب آخر وعلى الحدود التركية، أدى توسيع الجيش السوري عملياته إلى مغادرة نازحين سوريين كانوا مقيمين في معسكرات على الحدود والعبور إلى تركيا التي تقدر عددهم حتى الآن بحوالي 12 ألف لاجئ سوري.
وتتزايد مشاعر القلق في تركيا من تاثير الاضطرابات في سوريا عليها سواء اقتصاديا أو اجتماعيا بل وقد تشكل لها أزمة حادة مع سورية مع استمرار تدفق اللاجئين الذي قد يستدرج الجيش التركي للقيام بعميات على الحدود على مقربة من الجيش السوري.
وهناك مخاوف تركية أخرى من أن تشجع حركة النزوح الكثيفة على تسلل عدد من المتمردين الأكراد إلى أراضيها لتعزيز حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق الاناضول.
ويرى محللون أن السيناريو الاسوأ من ناحية الأثر الاقتصادي على تركيا سيكون توسع نطاق العنف ليشمل حلب ثاني كبرى المدن السورية والعصب الاقتصادي المهم وخصوصا انها تقع على بعد 90 كيلومترا فقط من الحدود التركية.
سوء معاملة
وشهدت العلاقات مؤخرا توترا بين سورية وتركيا التي طالبت الرئيس السوري بشار الأسد بسرعة إجراء الإصلاحات التي أعلنها ومن ناحية أخرى تنظر السلطات السورية باستياء إلى تركيا بسبب استقبالها اللاجئين لا سيما انها حليف تجاري وسياسي لدمشق قبل الاحتجاجات الشعبية.
وبدأ سائقو الشاحنات الاتراك العاملين في سورية في الشكوى من سوء معاملة السلطات السورية وبعض السوريين لهم منذ أن استضافت بلادهم اللاجئين السوريين الفارين من القمع في سوريا.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن أحدهم قوله "عندما أتوقف لشراء الوقود يقولون لي قد نفذ بينما أعلم أنه ما زال هناك، في حين قبل شهر كان الناس يرحبون بنا لكن الان يعتبروننا اعداء".
وأضاف سائق آخر " الناس يسألوننا لماذا استضافت تركيا أولئك الخونة" على حد تعبيره.